تخيلوا معايا إن مرة طلعنا رحلة في كوكب غريب. كل حاجة فيه مكونة من حاجات عمرنا مشفناها قبل كدا. ألوان جديدة، خامات جديدة روايح جديدة. تخيلوا الحماس الي هيكون عندنا والفضول الي هيكون جوانا إننا نمسك كل حاجة و نذوقها ونتعرف عليها…طب تخيلوا العكس! لو طلعنا نفس الرحلة دي بس كان ممنوع ننزل من المكوك الفضائي و مش مسموح لينا إننا نمسك أي حاجة، نتفرج بس من الشباك. هل هتكون التجربة هي هي؟ هل هنكون كوِنَا إنطباع كويس عن الكوكب ده نقدر نوصفوا للناس لما نرجع ؟ أكيد لأ. ده لأن بداية معرفتنا بأي حاجة بتكون من خلال الحواس إلي بتدينا الإنطباع الأول عن الحاجة قبل ما نبتدي ندرسها أو نكتشفها.
نفس الشئ, أطفالنا بيتولدوا في عالم مايعرفوش عنه حاجة و ربنا سبحانه و تعالى زرع فيهم حب الإكتشاف و فضول جامد جداً. فالأطفال علماء بفطرتهم وإكتشاف الكون هو محور اهتمامهم في السنوات الأولى من عمرهم. واحنا مع الأسف مش بنفهمهم صح فبنكبت احساسهم بحب الإكتشاف ظناً مننا اننا بنربيهم. احنا دايماً بنحط أطفالنا في محيط غير مناسب ليهم و مع رغبتهم في التعلم بنزعقلهم عشان مش بيتصرفوا صح أو بيمسكوا حاجات مش بتاعتهم.
تخيل معايا لو في مكان آمن للأطفال يبقى عندهم فيه حرية الحركة و حرية الإكتشاف و حرية التعلم من اخطأهم من غير ما يئذوا نفسهم أو يئذوا إلي حوليهم… يا ترى في مكان كده!؟ ايوة فيه….أهلاً بيك في عالم المنتسوري!
إيه هو المونتسوري؟…الموضوع كله إبتدا لما ماريا مونتسوري إتطلب منها إنها تشتغل في تعليم مجموعة من الأطفال في روما من مستوى مادي منخفض. ماريا مونتسوري بدأت تراقب الأطفال و تراقب احتياجتهم و طورت من خلال شغلها معاهم و من خلال مراقبتهم فلسفة تربوية. مونتسوري مكتفتش بكدة هي كمان طورت منهج كامل متكامل مبني على الفلسفة دي. ماريا مونتسوري شافت من خلال مراقبتها للأطفال إن طريقة التعليم التقليدية مش مناسبة لإحتياجات الطفل ليكتشف العالم ويطور من نفسه و بدأت تبص للتعليم من منظور الطفل نفسه. فمثلاً بدأت تغير الكراسي والترابيزات إلي موجودة في الفصل لكراسي و ترابيزات خفيفة تناسب الأطفال عشان يعرفوا يحركوها.
و من أهم المبادئ إلي ماريا مونتسوري شافتها هي إن الطفل مش وعاء خالي دورنا اننا نملأه:
The Child Is Not An Empty Vessel
بالعكس هي كانت رؤيتها للطفل ان هو مش بيتعلم بالتلقين أد ما بيتعلم بالإحتكاك بالبيئة وإستخدام إيده و حواسه. و الدور التقليدي للمدرسة في التعليم إنها تعلم والكل يستقبل منها الكلام، كأنها بتحاول تملي وعاء فاضي مش بيوصل المعلومة و مش بينمي حب الإبداع والإكتشاف عند الأطفال.
مونتسوري شافت إن عشان نخلق روح الإبداع عند الطفل لازم الأول يحتك بالعالم الي حواليه ونديله حرية الحركة و حرية إنه يعمل أخطاء ويصلحها. فالحرية في فصول المنتسوري هي إلي بتطلع من الطفل مخزون الإمكانيات إلي جواه إلي بتشكل شخصيته و موهبته. فالطفل مولود بمخزون كبير من الإبداع والموهبة و دورنا إننا نديله المساحة إنه يطلعهم. عشان كدا مونتسوري وفرت للطفل المناخ الأمن إلي بيديله الفرصة ديه ففصل المونتسوري بيكون أدواته كلها في مستوى الطفل بحيث إنه بيكون عنده حرية إنه يتحرك ويختار إلي هو عايزيشتغل بيه ويرجع الأدوات تاني مكانها. في فصل المونتسوري الطفل بيكون عنده حرية إنه يتكلم ويحتك مع أصحابه ويشتغلوا في مجموعات كمان الفصل بيتكون من اعمار مختلفة فده بيعلم الأطفال انهم يساعدوا بعض ويستعينوا ببعض. ففصل المونتسوري أشبه بمجتمع مصغر للأطفال.
د. مونتسوري صممت المكان بتاعها Casa De Bambini أو دار الطفل و ده كان بداية تكوين طريقة المونتسوري إلي انتشرت بعد كدا في كل أنحاء العالم. وبناءً على الفلسفة بتاعتها ابتكرت هي منهج بيكون محوره الطفل. فالمنهج مبني أساساً على إن الطفل يقدر يشتغل لوحده ويتعلم من شغله بالأدوات. المعلمة بيكون دورها اشرافي أكتر وليس توجيهي. الطفل بيقدر يتعلم بالتكرار من أدوات المونتسوري و مش محتاج لحد يقعد يلقنه يعمل كل حاجة ازاي.
منهج المونتسوري بيشمل:
- مهارات الحياه اليومية:الأطفال في المنتسوري بيتعلموا المهارات اليومية إلي هى بالنسبة لينا عادية، بس هما بيحبوها لأنهم بيتعلموا منها الإستقلال والإعتماد على النفس. و الأطفال بشكل عام بيحبوا يتعلموا الحاجات الى الكبار بيعملوها…بس للأسف مش بيدولهم فرصة انهم يشاركوهم فيها. المهارات دي مثلاً زي غسيل الأطباق، الطبيخ ، التنظيف، غرف الأكل، إزاي الطفل يلبس نفسه, إلخ…الأطفال بيشعروا بالفخر لما بيتقنوا المهارات دي ويحسوا بالإستقلال و الاعتماد على النفس الى هو مهم في تكوين شخصيتهم. و ده طبعا غير التركيز و تقوية عضلات اليد الى بتساعدهم بعد كده فى إنهم يحكموا مسكة القلم فى الكتابة. وكمان بتديهم حرية الخطأ بإنهم بيتعلموا مثلاً انهم لو وقع منهم حاجة يقوموا بتنظفها بنفسهم.
- الأدوات الحسية: هي أدوات تساعد الطفل على تشغيل حواسه وإدرك العالم من خلال حواسه. الحواس هي أساس المعرفة فلما الطفل يستخدم حواسه وينشطها ده بيكون بداية حب الإطلاع والإستكشاف.
- الرياضيات: ماريا مونتسوري اكتشفت إن الأطفال من أول سنين عمرهم بيقدروا يستوعبوا عمليات حسابية لا يتم تقديمها للأطفال عادةً إلا في سن أكبر. عشان كدة هي طورت أدوات تساعد الطفل إنه يتعلم العد، والأرقام والعمليات الحسابية من سن صغير بس بطريقة مبسطة. أدوات المونتسوري في الرياضيات بتدي فرصة للطفل إنه يشوف العمليات الحسابية و هي بتتم بطريقة حسية.
- اللغة:أطفال المونتسوري بيبتدوا يقرأوا من سن صغير جداً. ولكن الجدير بالذكر إن ده بيتم بدون أي ضغط على الطفل ولا تعليم مباشر للطفل على القراءة هما بيوصلوا لمرحلة القراءة بالتطور الطبيعي بعد ما بيكونوا من صغرهم اتعرضوا لأصوات الحروف واتدربوا عليها. فالطفل المونتسوري بيتعلم ازاي يكون كلمات من خلال معرفته بأصوات الحروف لحد ما بيوصل إنه بيعرف يقرأ لوحده!
- الثقافة:الثقافة باب كبير جدا في المونتسوري، و فيه قدر كبير من الإبداع، فيندرج تحته (الجغرافية، التاريخ ، علوم البيئة)و الطفل في المونتسوري بيتعرض لكل ده من سن صغير. ماريا مونتسوري كانت شايفة إن إحتكاك الطفل بالطبيعة مهم جداً في تكوين مداركه و عشان كده الطفل بيتعلم من الطبيعة و بيكون له الفرصة إنه يحتك بيها من سن صغير في فصول المنتسوري. الطفل كمان بيتعلم عن الحضارات والثقافة الأخرى و ده بيعلمه إحترام العادات وتقبل الأخر.
من خلال الفلسفة والمنهج ده قدرت ماريا مونتسوري انها توصل الأطفال انهم يكونوا منضبطين بدافع داخلي. فالطفل الغير منضبط في رأيها هو الطفل اللي مش عنده حافز للعمل بسبب أن البيئة والمحيط به مش بيفسح له المجال ولا بيشجعه أو مش بيكون فيه ما يجذبه. أما الطفل في فصل المونتسوري فإنضباطه نابع منه و من شعوره أن المكان الذي يعمل فيه يلبي إحتياجاته في الحركة والإكتشاف.
مؤسسة طريق المنتسوري
Montessori way foundation





مقال جميل و مكتوب بطريقة بسيطة ممكن توصل للناس اللى معندهاش خلفية عن المونتسورى بسهولة