10 طرق تساعد بها أمهات الأطفال المصابين بالتوحدPosted by on

مساعدة أطفال التوحد

ترجمة  هبة آدم :

لأن أبنائي بين مصابٍ بالتوحد الكلاسيكي وأخرى مصابة بمتلازمة أسبرجر وثالثةٌ تعاني من صعوبات التعلم، فأنا أعرف كم هو مهمٌ أن يكون لديك صديقٌ يدعمك في مثل هذه الظروف.

لم تبكِ صغيرتي حين ولدت، بل حدقت فيما حولها كالبومة. على الفور وقعت في حبها، وعشقتها، فقد كان وجهها وكتفيها مغطاة جميعًا بزغبٍ منسدل بلون جميل. وعيناها الزرقاوان كانتا بشكل اللوزتين وفمها صغير ودقيق. وعلى مدار الأيام القليلة التالية في المستشفى، وبينما أتعافى من الولادة القيصرية، مر بي العديد من الأطباء المختصين. أذكر جيدًا الليلة الثالثة، حين كنت أتحامل على عيني المتعبتين لأكمل قراءة رواية كنت أستمتع بقرائتها قبل ولادة دايسي. دخل عليَّ حينها أمين السجِّل المتدرب، وأخذ يدور حول مهد صغيرتي النائمة، وكان جبينه المعقود أيسر عليًّ في قرائته من الرواية التي بين يديَّ. سألته أخيراً: “هل ثمة ما يقلقك؟”

فأجابني: “هذه الطفلة غير طبيعية. لديه متلازمةٌ من نوعٍ ما”.

سألته: “متلازمة داون؟”؛ إذ لم أكن أعرف في تلك الأيام سوى متلازمة واحدة.

فأجابني: “أجل، أو شيء يشبهها. قوة العضلة تبدو ضعيفة كما أن القدمين صغيرتين أكثر من اللازم. أترين؟”

شعرت وكأنه ألقى بي في ثقبٍ أسود. وشعرت بالوحدة في أعماقي، وانفجرت بداخلي آلاف الأسئلة، غير أن الرجل كان قد أختفى حينها. أردت أن أتحدث إلى زوجي، ولكن بدلاً من ذلك، ملت على ديسي وفحصتها، وقلت لنفسي أيًا ما كان ما سيحمله لنا المستقبل، أعرف أننا سنكون معًا.

وأنا أستعيد هذا المشهد الآن، أدرك أنه حتى لو كان هذا الخبر قد نقل إليَّ في حضور زوجي ليدعمني، فإن السؤال الذي كان أقرب إلى قلبي لم يكن ليجد إجابةً لدى أحد: “كيف سيكون شكل الحياة؟”

نقل إلي أطباء الجينات التشخيص الرسمي لحالة ديسي، متلازمة كابوكي، حين كان عمرها اثنى عشر شهرًا. تختلف أعراض هذه المتلازمة من شخصٍ إلى آخر، ولكن بالنسبة إلى ديسي اشتملت الأعراض على ارتخاء في العضلات، وفرط حركة في المفاصل وصعوبة تعلم شديدة. وحين منحنا الأطباء التشخيص الكامل للحالة، كنت أحمل في أحشائي طفلي الثالث الذي سيكمل عائلتنا.

ومنذ ولد ليني لم يكن معاقًا على النحو الذي كانت عليه ديسي. فقد كان مفتول العضلات وشديد القوة بشكلٍ ملحوظ. كان شديد الاهتمام بالعالم من حوله لدرجة كانت تؤثر على سلامته. فقد كانت الطبيعي تدعوه إليه باستمرار ليخرق أي نظام أمان نضعه عليه لمنعه من الخروج. ولكن بالرغم من براعته البدنية، لم يكن يتكلم. ولم يكن يشر إلى الأشياء التي كانت تسترعي انتباهه أو يلعب بمجسمات حركية؛ بل كان يفضل دفع عجلات سياراته وهو يحدق في الإطارات وهي تلف.

وحين بلغ الثالثة شخص الأطباء حالته بأنها توحد كلاسيكي، وكان عليَّ أن أخبر ابنتي الكبرى روزي التي كانت حينها في السابعة أنها لم تعد لديها شقيقة واحدة معاقة، بل اثنان. كانت روزي ذكية ومجتهدة في دراستها وفضولية؛ وقد لاحظت أنها مختلفةٌ بعض الشيء عن أقرانها، ولكني أرجعت ذلك إلى أن روحها تميل إلى صحبة الكبار. غير أنها كانت تواجه مشكلات اجتماعية كبيرة في المدرسة، وفي الثامنة من عمرها، شخص الأطباء حالتها بأنها مصابةٌ بمتلازمة أسبرجر.

مررت بفترة من الانسحاب وأنا أواجه حقيقة أن أطفالي الثلاثة لديها مشكلات صحية. غير أني تشجعت في نهاية المطاف لمواجهة العالم. كنا مثار انتباه وتحديق الجميع أينما حللنا: فليني لم يكن يرغب إلا في تسلق أكتاف الكبار أو الركض بسرعة فائقة، أما ديسي فكانت تحتاج كرسي مختصًا، وروزي كانت ترتدي ملابس غريبة وغالبًا ما كانت تبدو وكأنها تعيش في عالمها الخيالي الخاص. تعلمت أن أحول فضول الأغراب إلى فرصة لمشاركة المعلومات وكسب الأصدقاء. وحين كنت أعجز عن مواجهة صراحتهم، كنت أعتمد على روزي؛ فقد كانت مرحة وسريعة البديهة ومحبة للدردشة مع الأغراب: “ديسي لا تستطيع المشي لأنها مصابة بمتلازمة كابوكي. وهذا لا يهم، لأنها جميلة كما الملاك. وهذا أخي لين لينس، مصابٌ بالتوحد الكلاسيكي مما يعني أنه متميزٌ في الدوران”.

تعلمت الكثير في العقدين الذين قضيتهما وأنا أم. وكان أطفالي أفضل معلمين لي، وخصوصًا روزي، التي غالبًا ما كانت تقدر على استشفاف مشاعر أخويها التي يعجزان عن التعبير عنها. وددت لو أنني كان لي صديقٌ حكيمٌ يدعمني في الأيام الأوائل.

لذا، إن كنت تعلم شخصًا لديه طفلٌ مصابٌ بالتوحد، إليك عشر طرق يمكنك مساعدته بها:

1- شجعي صديقتكِ على التماس كافة أشكال الدعم المتاحة من الخدمات الاجتماعية والتعليمية. فحين يعمل الوالدان والمجتمع معًا بطريقة تتسم بالاحترام المتبادل، يربح الجميع.

2- إدعمي صديقتكِ للدفاع عن حقوق طفلها. فالمختصون ومدرسو المدارس غالبًا ما يركزون على ما يعجز عنه الطفل. وأنا كأم أحتاج أن أشعر بمشاعر إيجابية بشأن أطفالي وأريد من كل من يشارك في رعايتهم أن يرى نقاط قوتهم كما يرى نقاط ضعفهم؛ ووجود صديقٍ لي يعرف طفلي بصحبتي في اجتماعٍ صعب ليدعمني أمرٌ لا يقدر بثمن.

3- يمكن الحصول على الكثير من النصائح من مجموعات الآباء المحلية، والمرء يشعر بالراحة حين يلتقي بآخرين ممن هم في نفس موقفه. ولكن إن كانت صديقتكِ تشعر بالذهول عند دخول عالم الاحتياجات الخاصة، ربما تحتاج منكِ أن ترافقيها في لقاءاتها الأولى.

4- فضول الغرباء غير مرحب به في أغلب الأحوال. والتحديق بفضول أو إلقاء ملاحظة جارحة جزافًا يمكن أن يكون القشة التي تقصم ظهر البعير. وجودك إلى جانب صديقك لدفع الاهتمام غير المرغوب فيه أو تقديم تفسير هادئ يمكن أن يغير دفة الأمور بالكامل.

5- النوم المتقطع غالبًا ما يمثل مشكلة كبيرة للأطفال المصابين بالتوحد. ويمكن أن تتأثر الصحة النفسية والجسدية والعاطفية لوالديهم من  قضاء ليالٍ عديدة دون نوم. إن كنت تعرف الطفل جيدًا، يمكنك أن تعرض المكوث في المنزل بعض الوقت إلى جانب الطفل بدلاً من والديه.

6- قضاء وقت في رعاية الطفل لمنح صديقتكِ مهلة للاستثمار في زواجها أو قضاء بعض الوقت مع أطفالها الآخرين أو إعادة شحن طاقتها مرة أخرى يمكن أن يكون طوق نجاة بالنسبة لها. ولكن فكرة السماح لشخصٍ غريب برعاية الطفل يمكن أن تملأ الأم بالشعور بالذنب. ويمكن أن تحتاج منكِ مساعدة في استكشاف ما يمكن للخدمات المحلية أن تقدمه على سبيل المهلة من راحة الطفل.

7- ينما يكبر الطفل، يمكن أن يصبح اختلافه عمن حوله أكثر وضوحًا. ويمكن أن تشي بهذا الاختلاف سلوكيات من قبيل التأرجح أو ضرب اليدين ببعضهما البعض أو الارتداد (غالبًا ما يُطلق عليه بالسلوك النمطي). ولأن هذا السلوك النمطي يلفت الأنظار إلى الأطفال، فإن بعض الآباء يجدون محرجًا للغاية ويحاولون إيقافه. غير أن السلوك النمطي ليس مجرد عادة مزعجة، وإنما في أغلب الأحيان يترك انطباعًا جيدًا عن الطريقة التي يشعر بها شخصٌ مصابٌ بالتوحد. يمكن أن يظهر إما حزنهم أو فرحهم، يمكن أن يكون راحة لهم أو يصرف انتباههم عن شيء لا يستطيعون التسامح معه.

8- يمكن أن تكون التجمعات العائلية مثل الحفلات والمأدبات الطويلة الاحتفالية مثار مشكلات في حالة وجود طفلٍ مصابٍ بالتوحد. كن بالقرب من صديقتك لمساعدتها. وليكن في حوزتك حقيبة ممتلئة بأشياء مشتتة للانتباه. ولا يلزم أن تكون هذه الأشياء مكلفة أو باهظة الثمن، بل بعض البالونات والألعاب المطاطة تفي بالغرض. وهذه الحقيبة المعدة مسبقًا يمكن أن تكون فارقة لصديقتكِ: إما أنها ستمكث في الحفل أو سيكون عليها أن تغادر مبكرًا برفقة طفلٍ مبتئس.

9- يمكن أن تقول والدة طفل مصاب بالتوحد أنها لن تستطيع حضور أمسية، إذ من الصعب عليها أن تغادر المنزل. لا تتركي السؤال عنها وتذكيرها أنها صديقة مهمة لديك وأن رفقتها أمرٌ مرغوب فيه.

10- أنا شديدة الإيمان أن التعامل مع مشكلات الحاضر تكفي. فلتثني صديقتكِ عن أي محاولة للتخطيط للمستقبل البعيد؛ فالطاقة المستهلكة في القلق من المستقبل ستستنفذ قدرتها على التعامل مع مشكلات الحاضر. يمكن لصغارنا المصابين بالتوحد أن يفاجئوننا؛ بأن يتطوروا وينموا بطريقة كانت تبدو مستحيلةً عندما كانوا أطفالاً. وهدوء الوالدين وحبهما وقبولهما غير المشروط جميعها أشياء ضرورية لضمان أن يكون البالغون المصابون التوحد سعداء.

 

لينك المقال الأصلي هنا.

 

تربيةجميع الأقسامرعاية وصحة الأطفال

اترك تعليقاً