من هى الصديقة الحقيقيّة ؟ فالكثيرات من السيدات عندما تسألهُنّ هذا السوأل يُجبنّ بالآتي: الصديقات الحقيقيّات هُنّ صديقات المدرسة والجامعة، وتبدأ كل منهُنّ تحكي عن المواقف الجميلة، والحكيات الفُكاهيّة التي جمعتهن مثلًا: “أنا وصديقتي الفُلانيّة كُنّا لا نفارق بعضنا في المدرسة أو في الجامعة، كُنّا في الصباح نحضر المُحاضرات، وفي المساء نخرج سويًّا أو نتحدَّث بالساعات في الهاتف. وعندما يأتي الصيف، كُنّا نسافر معًا أيضًا، لا نفترق في معظم الأوقات. وعندما أكون في مشكلة “بالتأكيد مشكلة تافهة بالمقارنة للحياة اليوم” كنت أجدها تحاول إيجاد الحلول والتخفيف عنّي. ضحكنا كثيرًا، وأمضينا أيام حلوة تخلو من المشاكل التي انتظرتنا اليوم. ثم تخرّجنا من الجامعة، وأيضًا استمرّت العلاقة الجميلة، ففي الصباح في العمل وبعد العمل، نلتقي على الأقل مرّتين أو ثلاث في الأسبوع”.. علاقة أيضًا تخلو في نظري من المواقف الحقيقيّة التي تستطيعين أن تحكمي منها إذا كانت هذه الصديقة هي فعلًا صديقة حقيقيّة أَمّ لا؟
إلى أن يرتبط كل منكما، وتأخذها الحياة الجديدة، وتواجه الضغوط الحقيقيّة، فبعد أن كان لديها الكثير من وقت الفراغ، أصبح الآن لا يوجد عندها وقت فارغ نهائيًّا، فهي بين العمل أو الأعمال المنزلية، والمشاوير الخارجية، مهمومة ومضغوطة من مُتَطلَّبات زوجها وأطفالها ونفسها، وهنا يبدأ الاختبار والاختيار الحقيقي. من هنا فقط من الممكن أن تحكمي إذا كانت هذه الإنسانة صديقة عُمْركِ بالفعل، أَمّ أنها كانت علاقة عابرة مناسبة لفترة سهلة من حياتكن.
هنا تُصدَمي، فتجدين من كانت تشاركك كل يوم لحظة بلحظة بالكاد تجيب على اتّصالكِ. هي لا تجيب على الهاتف، ولا تعاود الاتصال، وعندما تنجحين في الوصول إليها بعد مُطاردة أيام، تجدين العُذْر أنها مُتعبة، أو أنها رأت اتصالك، لكن للأسف نسيت أن تكلّمك لاحقًا. وإذا اقترحتي عليها أن تلتقيا، فتجدين الرَدّ أنها مشغولة في أيام الأسبوع، أمّا بالنسبة للعُطْلة الأسبوعيّة فهي أجازة عائليّة بالنسبة لها. وعندما تكونين فة مشكلة حقيقية فهي لا تجيب. هي فقط أصبحت تبحث عنك إذا كان عندها سؤال أو مَطلَب أو استشارة. وعندما يفيض بِكِ الكيل وتقرّري أن تعاتبيها فهي تتحجَّج بضغوط الحياة.
لماذا أقول تتحجَّج ؟ لأني -والحمد لله- لدي صديقات كثيرات عندهن نفس الضغوط وأكثر، لكنهُنّ يتعاملن بطريقة مختلفة. فالصداقة الحقيقية اختيار، هناك من اختارت أن تكون لي أُخْت وليست مُجرَّد صديقة، هناك من أدركت أهمية الصداقة، وأيقنت أن لا مُتعة للحياة بدون أصدقاء أوفياء. فلدي الكثير من الصديقات يجبن على هاتفهن وأبنائهن في شِدّة المرض، فنشارك بعضنا المحنة ونطمئن على بعضنا.
وأيضًا أعرف من تكون في مشكلة مع زوجها، وأقوم بزيارتها وتكون أكثر من ودودة، وبالصدفة أعلم أنها في مِحْنة، ومع هذا لم تعتذر عن المقابلة، فهي تريد أن تراني مهما كانت الظروف، و لدي أيضًا صديقة اعتذرت لخطيبها وأهله عن موعد هام من أجل حضور عيد ميلادي.
باختصار.. هناك من أدركن أنه إذا استسلم الإنسان لمتاعب ومشاغل الحياة، واستمر بإهمال العلاقات الحقيقية سوف يُفاجأ عندما يكبر الأبناء وتستقر الحياة نوعًا ما، أنه وحيد بلا صديق حقيقي يشاركه أفراحه وأحزانه.
وهذه دعوة مِنّي لكل صديقة أهملت صديقتها بحجّة مشاغل الحياة، حاولي مَحْو ما قد حدث وراجعي قراركِ، فالصداقة بالنسبة لي قرار، عليكِ أن تقرّري أن تمنحي وقت في يومكِ -ولو بسيط- لأصدقائكِ الحقيقيين، عليكِ أن تجيبي على هاتفكِ حتى إذا كنتي مشغولة.. “رُدّي أو ارسلي رسالة قولي فيها، أنا مشغولة دلوقتي، أنا فعلًا عايزة أتكلّم معاكي، هكلّمك تاني”، وعاودي الاتصال في أقرب وقت ممكن. حاولي أن تخصّصي ولو ساعتين في الأسبوع للالتقاء بها، أو بهم واقتدي بالمثل الشعبي: ” البعيد عن العين بعيد عن القلب”. فالصداقة علاقة سامية مثل الأخوّة والأمومة والعلاقة الزوجيّة، لا بُد من الاهتمام بها ودعمها بالمودَّة والحُب حتى تنمو وتكبر.
ولم أجد أنسب من هذا الحديث الشريف لأتمِّم به حديثىي ، قال رسول الله -صلّى الله علية وسلَّم-: “خَيْرُ الأصحاب عند الله تعالى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِه” (رواه الترمذى). فَكُلَمَا كان الإنسان شديد الوفاء والإخلاص لصاحبه كان أقرب إلى الله.
ريهام شريف
بكالوريوس إعلام الجامعة الأمريكية ودراسات في علم النفس
مواضيع متعلقة:
5 أكاذيب تقوليها لنفسك كل يوم!
الصورة: Atilla Kefeli




اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.