.
عادة لما الواحد فينا بيسمع الجملة دي بيفتكر الجواز. بييجي في باله الأغنية القديمة اللي بنفس الإسم أو أي إتنين مرتبطين وهم بيقولوها لبعض. بيفتكر الوعود القوية اللي أي إتنين متجوزين في بداية إرتباطهم بيتواعدوها. بتفكرنا الجملة دي بالتضحيات و الصبر, بالصعوبات اللي بتقابل الواحد في حياته اكتر من التسهيلات, و يفضلوا الإتنين متفقين و متواعدين, بصبرهم و حرصهم على إستمرار مشوارهم الجميل. علي الحلوة و المرة, كل زوج و زوجة بدأوا حياتهم ببساطة و بعدين بدأت الصعوبات تواجههم و الماديات و الفواتير والإلتزامات و بعدين الولاد و مسؤلية التربية الصعبة ثم التعليم و المدارس, و أحيانا يقع الأب و أحيانا يقوم, أحيانا تقع الأم و أحيانا تقوم, لكنهم صابرين, صامدين, واقفين, فتبقى الحياة و مشوارها ليها طعم جميل: علي الحلوة و المرة.
لكن النهاردة مش ده المشوار اللي باتكلم عليه, و مش دول الشركا اللي باتكلم عليهم. انا باتكلم عن مشوار أطول, و مشوار أصعب. مشوار إرتباطه أوثق, ووعوده أمتن. مشوارك انت و نَفسك!
على مدار حياتك و بطول أيامك و ذكرياتك كان ولازال فيه اوقات كنت انت فيها في صراع مع نفسك. لما بتييجي الأوقات الصعبة اللي بتلاقي الأبواب فيها بتتقفل و المشاكل فيها بتزيد, مش بتحس إنك مش طايق نفسك؟ ومش العكس برضه لما بتتحط في مواقف و بتضطر فيها إنك تاخد قرارات و تتحدى الصعوبات و تحدد مصيرك مش بتكون واثق من نفسك؟ ولما بتحقق إنجاز وتنجح نجاح معين مش بتكون فخور بنفسك؟؟ و لما بتفشل في مشروع معين أو تضايق حد عزيز عليك مش ممكن تلوم نفسك؟ مين نفسك؟ مين دي اللي معاك على طول في كل المواقف و الذكريات دي؟ نفسك هي اللي حقيقي شاركتك طول المدة دي عالحلوة و المرة…نفسك إللي إنت صنعتها من ساعة ما إتولدت, نفسك إللي ممكن تكون أحيانا بتهملها و أحيانا بتنساها مع إنها معاك على طول و ملازماك طول حياتك ولحد مماتك.
ناس كتير لما بيلجأول لتديب الحياة أو الlife coaching بتكون نقطة الإنطلاق عندهم هي مرادهم للتغيير و بيبدأوا بإنهم مش قادرين يستحملوا الشخص الفلاني أو المكان الفلاني أو الشغل الفلاني و معلقين سعادتهم على تغيير العوامل دي, كأن لو الحاجات دي إتغيرت هيكونوا سعدا و الحياة حتتظبط. في حين إنهم و بعد مرات من التدريب بيكتشفوا و بكل صراحة إنهم كانوا محتاجين يكونوا صرحا مع نفسهم و يتصالحوا مع نفسهم قبل أي حاجة و قبل أي حد. واحدة مرة قالتلي: “أنا فعلا باتكلم وحش أوي مع نفسي” و واحدة تانية مرة قالتلي: “انا للأسف باعامل نفسي وحش أوي”.
عارفين ليه؟ الحقيقة إن الإنسان اللي بيدور على التغيير دايما بيبدأ يدور عليه خارج نفسه. بيبدأ يعلق مشاكله في الحياة على إن الزوج هو سبب التعاسة أو إن المدير هو سبب المشاكل أو إن بيت العيلة ده لازم أسيبه عشان مشاكلي تتحل. دايما الأسهل إني أدور على الحلول من بره, و كأن انا اللي مظلوم و أنا اللي مضطهد. و لما العوامل دي فعلا تتشال أو تتغير (كأن يحصل طلاق أو نستقيل أو نعزل أو نهاجر حتى) تلاقي الإنسان لسه غير راضي وغير سعيد. بعد فترة طويلة من إنتظار التغيير إنه ييجي من بره و بعد تجرع الفشل مرة ورا التانية و بسبب إستمرار حالة عدم الرضا القوية لازم هييجي التغيير و الواحد هيضطر يغيرمن نفسه لأن الواحد هيكتشف إن ماكانتش العوامل دي أصلا المشكلة! ساعتها بس بيبدأ الواحد يقعد مع نفسه ويصارح نفسه و يشوف هو أنا محتاج أغير فيا إيه؟ وهنا يبدأ التغيير الحقيقي لكنه الأصعب و اللي كان الواحد بيهرب منه, فيبدأ يواجه الغلطات و التشويشات اللي حصلت عشان يعالجها. في اللحظة دي بكامل المسؤلية و كامل الوعي تبدأ أولى خطوات التغيير بعد ما وصلت حالة عدم الرضا إلى ذروتها. و لما نبص لورا و نشوف الصعوبات اللي حصلت نلاقي إن بالعكس, كل العوامل دي بمساوئها كانت في الحقيقة مفيدة و مهمة, كان لازم أمر بالمشاكل دي عشان أعرف نفسي أكتر و أفهمها و أعترف بدورها, كان لازم مديري يكون صعب عشان أقف و أتحدى صعوبة الشغل معاه, كان لازم مشاكل الجواز دي تحصل عشان أستمتع بالتفوق عليها, كان لازم الخوف من الديون ده ييجي عشان أجتهد و ألغيه. كان لازم الصراعات العائلية دي تكون موجودة عشان أعيش الترقب و استمتع بتغييرها. و هنا أبدأ مشواري الحقيقي مع نفسي, أصارح نفسي: أعرف هي ضعيفة في إيه فأقويه…أعرف هي مهاراتها إيه فأعتمد عليها…أعرف هي ناقصها إيه فاديها. و نفضل أنا و نفسي في مشوارنا الطويل مع بعض بنعين بعض على الحلوة و المرة…
فتكم بعافية,
سارة سليمان
ميتا كوتش و مدربة علاقات زوجية معتمدة
[اقرئي أيضا: 5 أشياء تعلمتها من القلق!]
[اقرئي أيضا: يا صديقتي دعيني أخبرك سرا!]
[اقرئي أيضا: جدتي و الزمن الجميل]
[اقرئي أيضا: عزيزتي لا تنكسري]



