كلنا سمعنا عن قصة التحرش بفتاة ميدان التحرير و اصبنا الذهول و الصدمة مما رأت أعيننا الحقيقة. كيف يمكن لبشر – فضلا عن أن أسميه رجلا – أن يفعل هذا بأمرأة؟ كيف وصل التدني الأخلاقي لهذا المستوي؟ و السؤال الأهم ما هو العلاج؟
الحقيقة دائما عندما نتحدث عن علاج التحرش دائما يكون الكلام عن القانون و تغليظ العقوبة و للأسف هذا غير مجدي و لا يعني إلا إستمرار ظاهرة التحرش بل و تفاقمها أكثر…. لماذا؟ هل تذكرون من سنين طويلة عندما بدأت ظاهرة الإغتصاب في الظهور في المجتمع المصري و كانت ظاهرة صادمة آنذاك – و لا تزال صادمة – فقرروا تغليظ عقوبة الإغتصاب لتصل الي الإعدام حتي أنهم أذاعوا حالة إعدام علي الهواء مباشرة و صوروا المتهم و هو يتصبب عرقا قبل تنفيذ حكم الإعدام ظنا منهم أن هذا سيكون رادعا لكل من تسول له نفسه الإعتداء علي نسائنا و لكن هل قضينا علي ظاهرة الإغتصاب؟ بالعكس هي في تزايد و لا شئ جديد تحت الشمس…فالجاني يظن دائما أنه سيفلت و قد يفلت عدة مرات حتي يقع في قبضة قوات الأمن! لهذا أقول دائما تغليظ العقوبة وحده ليس حلا و لن يكون حلا…هناك عدة جوانت أخري يجب معالجتها حتي نقضي علي ظاهرة التحرش و الإغتصاب.
- أولا لابد من تجفيف المنابع. يجب عمل دراسة عن أسباب هذه الظاهرة و النزول إلي المجتمع المصري و مخالطة الناس و البحث عن الأسباب. يجب عمل دارسات أيضا علي الجناة الذين تم إلقاء القبض عليهم و عن حالتهم الإجتماعية و خلفية الجاني بالكامل حتي نفهم كيف يمكن أن تسول لأنسان نفسه بفعل هذه الجريمة….لا يمكن أبدا حل أي مشكلة حتي نعرف أسبابها الحقيقة! ثم يجب وضع خطة للعلاج….نعم خطة فالمشكلة لا يمكن حلها بدون تخطيط!
- الإعلام و دوره الهدام للأسف…يجب أن نفهم جيدا أن المجتمعات العربية تختلف في عادتها و تقاليدها عن المجتمع الغربي و بالتالي فمن غير المقبول أن نري إعلانات كلها رقص مثلا. أو إعلان عن معجون الأسنان عبارة عن شاب يقبل فتاة! و أما عن الأفلام و المسلسلات فحدث و لا حرج أصبح الإبتذال هو لغة العصر سواء في الكلام و الحوار أو لبس الممثلات. ما هي الرسالة التي يريد صناع هذه الأفلام و المسلسلات توصيلها للمجتمع؟ نحن مجتمع محافظ في أصله فلماذا لا ينزل المنتجين و الممثلين علي رغبة المجتمع أما أنه كما قال أحد الإعلاميين من قبل “ما بندفعش فلوسنا غير في الهشتك بشتك” ؟! للأسف رأي الشخصي أن الإعلام هو المتهم الأول.
[ إقرئي أيضا : ماذا حدث للإنسان في مئة عام؟ ]
[ إقرئي أيضا : ماذا يفعل التلفزيون بعقول أبنائنا؟ ]
- الأسرة و المدرسة…هل غاب دور الأسرة؟ عندما نعرف أن أحد المتحرشين بفتاة التحريرعمره 16 سنة أين أبوه؟ أين أمه؟ هل له أخوات بنات؟ هل يذهب إلي المدرسة؟! يجب نشر التوعية التربوية في المجتمع عن طريق برامج التلفزيون و الراديو…كيف نربي أبناءنا هذا ما ينبغي أن نتعلمه في الحقيقة! ثم أين دور المدرسة و المدرس؟ هل أصبح المدرس المربي خيال علمي؟! أبحث عن حال المدرس في المجتمع تعرف الي أين يذهب المجتمع…
- أين الأزهر؟ أين دوره في التوعية الدينية و حث الشباب علي غض البصر؟ لماذا لا ينظم معسكرات صيفية بأسعار رمزية مثلا تستوعب الشباب و تساعدهم في اخراج طاقتهم بشكل إيجابي و تعلمهم أمور دينهم؟! و أين كان الأزهر و المجتمع يسقط أخلاقيا؟؟ فهذا الحدث و هذه الظاهرة ليس وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكم للإنحدار الأخلاقي عبر السنوات!
- أين المجلس القومي للمرأة و مجلس رعاية الأمومة و الطفولة؟ أين كانوا في كل الأعوام الماضية حينما كان يزج بالمرأة في الأعمال الفنية بشكل لا يحترمها بل و يشحن الشباب…و ما دورهما في الفترة القادمة؟
- إن هذه الحادثة و غيرها هي إنذار خطر شديد و مؤشر إلي إنهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمع… و كما ذكرت القانون وحده لن يكون حلا بل يجب علينا جميعا أن نراجع أنفسنا…و إلا سيكون هناك المزيد من الضحايا و سيبقي الوضع علي ما هو عليه…فلا شئ جديد تحت الشمس!
فريق عمل مج لاتيه

